هارون الرشيد الخليفة المظلوم
إن الرشيد رجل مؤمن ، يتجلى الإيمان في حاله ومقاله وأفعاله ، فقد ينتحب الساعات الطوال إذا وعظه أحد ، أو تجلت له حقيقة من حقائق الإيمان ، حتى عُد أحد البكائين ، وكان يعظم الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله ، فما يذكر عنده حتى يقول :صلى الله على سيدي ، وأما أفعاله فقد كانت منضبطة بموجب الشرع ، لايعمل بمسألة إلا وفتوى قاضي القضاة بين يديه ، حتى فيما يتعلق بحياته الزوجيه ، وأموره الخاصة ، وقد وفقه الله (بأبي يوسف) صاحب (أبي حنيفه) الذي شهد أهل العلم والتاريخ له بالعدل والنزاهة ، و(محمد بن الحسن الشيباني) الذي يعد بشهادة الأحناف ، ناشر المذهب الحنفي في الأصقاع ، يضاف الى هؤلاء القضاة ، كوكبة مباركة من خيرة علماء الدنيا والدين.
وقد خلط كثير من المؤرخين وغيرهم بين أمرين ، بين شخصية الرشيد وسيرته ، وبين الزمن والفترة التي عاش فيها ، فالرشيد في سيرته الشخصية مثال العفة والطهر ، ومثال الأستقامة والغيرة على الدين ، وعدم الأنسياق وراء الهوى ، والتقليل من الدنيا ، والأقبال على العلماء والأستفادة منهم ، رغبةْ بالآخرة ، وقربةْ الى الله ، وقد قضى حياته بين سنابك الخيل ، ورايات الجهاد وغبار المعامع ، وشدة الوطيس فلا مجال عنده للهو والترف والسرف.
ومن كانت حياته بين العلماء والعباد والحجاج ، يحج عاماْ ويغزو عاماْ ، يحج ومعه العلماء ويحج ماشياْ على الأقدام ، ويتحمل المشاق في سبيل الله ،لاتحدثه نفسه بالفجور والخنا ، فضلاْ أن يأتيها أو يرضى بها.
إننا نرى في عالم السياسة رجالاْ لا يؤمنون بالله ، ولا يدينون بلإسلام ، ولكن أعباء السياسة ، وإدارة الدولة حالت بينهم وبين رغباتهم ، فلا يجدون مجالاْ للملذات ،ولا مكاناْ للشهوات ، وهم يحكمون دولاْ مهما اتسعت ، ومهما كثر عدد سكانها ، فهي ليست أكثر من نقطة في بحر الدولة الإسلامية التي كان يحكمها الرشيد وقتها.
نقول هذا عن قادةٍ كفرةٍ فجرةٍ امتنعوا عن المعصية لأنشغال أوقاتهم بشؤون دولتهم ، فكيف إذا اجتمع الإيمان ، والرهبة من الله ، والخوف من العذاب ، كيف إذا اجتمع كل ذلك الى أعباء دولة مترامية الأطراف ، واسعة الأرض ، كثيرة السكان ، عندها من الجنود فقط أكثر من مليون جندي ، يقاتلون في جبهات متعددة ، ولديها من الولاة والموظفين ما يعادل نصف ذلك العدد أو أقل قليلاْ ، والإدارة يومها تتمركز في يد الخليفة وحده ، فهو المسؤول عن إقامة الصلاة في الناس ، ومسؤول عن إقامة الحق والعدل ، ونصر الإسلام ونشره في الأصقاع ، عدا الأمن والطرق والمصالح وغير ذلك ، فمن أين يتسع الوقت لمثل هذا الحاكم أن يلهو ويعبث ، وكل ذلك منوط به ، متعلق برقبته.
هذا عن شخصية الرشيد ، أما الفترة والزمن الذي عاش فيه ، فإن رغد عيشه ، ورفاهية أهله ، وكثرة خيره وأرزاقه ، جعل الناس يسرفون في المأكل والملبس ، ويترددون على اللهو والغناء ، فلم يميز الناس بين الرشيد كشخصية ، وبين عصره الزاهي المتقدم.
لقد كانت بغداد عروس الدنيا ، وحاضرة الخلافة ، تفد إليها قوافل التجارة من أنحاء العالم ، وفي خزائنها تنصب أموال الخراج من بيزنطة ومن الصين ، ومن خرسان ومن أفريقيا ، وكانت الأسلاب والأنفال التي يفيئها الله على المجاهدين كثيرة وفيرة ، حتى بيعت الأسلحة والرقيق بالدراهم القليلة.
وكان من البديهي أن ينعم الناس بالحياة الرضية الرافهة ، وكان من البديهي كذلك أن يستغل بعضهم هذا المال في اللهو والمتع الشهوانية ، وقد انغمس بعض الأمراء في هذا الأتون ، وظهر هذا على بعض الأشخاص ، ولم يفرق كثير من الناس بين هذا المجتمع وفيه ما فيه من لهو وفساد ، وفيه كذلك الصلاح والعلم والعلماء ، وفيه الخليفة الورع الذي يقرب العلماء ، ويرسل السرايا ، ويحج الى بيت الله الحرام.
لم يفرقوا بين هذا وذاك ، فخلطوا بين الرشيد والزمن الذي عاش فيه ، مع الفارق في التشابه ، والتنافر في الطباع ، والتغاير في الواقع والحال.
نسبه:
هو هارون(الرشيد) بن محمد(المهدي) بن عبدالله(المنصور) بن محمد(السفاح) بن علي (السجاد)بن عبدالله (حبرالأمة)بن العباس بن عبد المطلب.
فهارون الرشيد ينحدر من سلالة العباس رضي الله عنه ، عم النبي صلى الله عليه وسلم وقد أخرج الترمذي قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه:"من آذى العباس فقد آذاني"
فإنما عم الرجل صنو أبيه ، وهو من ولد أولاد عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، الملقب بحبر الأمة ، وهو الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل".
والده:
هو محمد الملقب المهدي ابن عبدالله المنصور بويع بالخلافة بعد وفاة أبيه المنصور ، وذلك في أول عشر ذي الحجة من عام 158هجري ، فجلس بعد مدة يرد الأموال التي تركها المنصور ، وكتبها لأصحابها في دفاتر خاصة ، فجمع المهدي هذه الأموال وأرجعها الى أهلها.
والدته:
هي "الخيزران بنت عطاء الجرشية" نسبةْ الى جرش باليمن ، واشتراها المهدي من نخاس "بائع الجواري والعبيد" فأعجب بها ، ويذكر أنه لما عرضت الخيزران على المهدي ليشتريها أعجبته ، إلا دقة في ساقيها ، فقال لها: يا جارية إنك لعلى غاية المنى والجمال لولا دقة ساقيك وخموشهما "خدوش وآثار جروح" فقالت:"يا أمير المؤمنين إنك أحوج ما تكون إليهما ، لا تراهما" فأستحسن جوابها فاشتراها.
وقد حظيت عند المهدي ، بكل الإعجاب ، ونالت منه كل الحب والتقدير ، ولذلك أعتقها وتزوجها ، فولدت له خليفتين: موسى(الهادي) ، وهارون(الرشيد) ، ولم يتفق هذا لغيرها من النساء إلا الولادة بنت العباس العبسية ، زوجة عبد الملك بن مروان ، وأم الوليد وسليمان ، وكذلك لشاه فرند بنت فيروز يزدجرد.
الرجاء من الأعضاء الكرام نشرها إن أمكن
وذلك للمصلحة العامة لأمة الأسلام
لا تبخلوا على أخوكم بالرد على الموضوع
إن الرشيد رجل مؤمن ، يتجلى الإيمان في حاله ومقاله وأفعاله ، فقد ينتحب الساعات الطوال إذا وعظه أحد ، أو تجلت له حقيقة من حقائق الإيمان ، حتى عُد أحد البكائين ، وكان يعظم الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله ، فما يذكر عنده حتى يقول :صلى الله على سيدي ، وأما أفعاله فقد كانت منضبطة بموجب الشرع ، لايعمل بمسألة إلا وفتوى قاضي القضاة بين يديه ، حتى فيما يتعلق بحياته الزوجيه ، وأموره الخاصة ، وقد وفقه الله (بأبي يوسف) صاحب (أبي حنيفه) الذي شهد أهل العلم والتاريخ له بالعدل والنزاهة ، و(محمد بن الحسن الشيباني) الذي يعد بشهادة الأحناف ، ناشر المذهب الحنفي في الأصقاع ، يضاف الى هؤلاء القضاة ، كوكبة مباركة من خيرة علماء الدنيا والدين.
وقد خلط كثير من المؤرخين وغيرهم بين أمرين ، بين شخصية الرشيد وسيرته ، وبين الزمن والفترة التي عاش فيها ، فالرشيد في سيرته الشخصية مثال العفة والطهر ، ومثال الأستقامة والغيرة على الدين ، وعدم الأنسياق وراء الهوى ، والتقليل من الدنيا ، والأقبال على العلماء والأستفادة منهم ، رغبةْ بالآخرة ، وقربةْ الى الله ، وقد قضى حياته بين سنابك الخيل ، ورايات الجهاد وغبار المعامع ، وشدة الوطيس فلا مجال عنده للهو والترف والسرف.
ومن كانت حياته بين العلماء والعباد والحجاج ، يحج عاماْ ويغزو عاماْ ، يحج ومعه العلماء ويحج ماشياْ على الأقدام ، ويتحمل المشاق في سبيل الله ،لاتحدثه نفسه بالفجور والخنا ، فضلاْ أن يأتيها أو يرضى بها.
إننا نرى في عالم السياسة رجالاْ لا يؤمنون بالله ، ولا يدينون بلإسلام ، ولكن أعباء السياسة ، وإدارة الدولة حالت بينهم وبين رغباتهم ، فلا يجدون مجالاْ للملذات ،ولا مكاناْ للشهوات ، وهم يحكمون دولاْ مهما اتسعت ، ومهما كثر عدد سكانها ، فهي ليست أكثر من نقطة في بحر الدولة الإسلامية التي كان يحكمها الرشيد وقتها.
نقول هذا عن قادةٍ كفرةٍ فجرةٍ امتنعوا عن المعصية لأنشغال أوقاتهم بشؤون دولتهم ، فكيف إذا اجتمع الإيمان ، والرهبة من الله ، والخوف من العذاب ، كيف إذا اجتمع كل ذلك الى أعباء دولة مترامية الأطراف ، واسعة الأرض ، كثيرة السكان ، عندها من الجنود فقط أكثر من مليون جندي ، يقاتلون في جبهات متعددة ، ولديها من الولاة والموظفين ما يعادل نصف ذلك العدد أو أقل قليلاْ ، والإدارة يومها تتمركز في يد الخليفة وحده ، فهو المسؤول عن إقامة الصلاة في الناس ، ومسؤول عن إقامة الحق والعدل ، ونصر الإسلام ونشره في الأصقاع ، عدا الأمن والطرق والمصالح وغير ذلك ، فمن أين يتسع الوقت لمثل هذا الحاكم أن يلهو ويعبث ، وكل ذلك منوط به ، متعلق برقبته.
هذا عن شخصية الرشيد ، أما الفترة والزمن الذي عاش فيه ، فإن رغد عيشه ، ورفاهية أهله ، وكثرة خيره وأرزاقه ، جعل الناس يسرفون في المأكل والملبس ، ويترددون على اللهو والغناء ، فلم يميز الناس بين الرشيد كشخصية ، وبين عصره الزاهي المتقدم.
لقد كانت بغداد عروس الدنيا ، وحاضرة الخلافة ، تفد إليها قوافل التجارة من أنحاء العالم ، وفي خزائنها تنصب أموال الخراج من بيزنطة ومن الصين ، ومن خرسان ومن أفريقيا ، وكانت الأسلاب والأنفال التي يفيئها الله على المجاهدين كثيرة وفيرة ، حتى بيعت الأسلحة والرقيق بالدراهم القليلة.
وكان من البديهي أن ينعم الناس بالحياة الرضية الرافهة ، وكان من البديهي كذلك أن يستغل بعضهم هذا المال في اللهو والمتع الشهوانية ، وقد انغمس بعض الأمراء في هذا الأتون ، وظهر هذا على بعض الأشخاص ، ولم يفرق كثير من الناس بين هذا المجتمع وفيه ما فيه من لهو وفساد ، وفيه كذلك الصلاح والعلم والعلماء ، وفيه الخليفة الورع الذي يقرب العلماء ، ويرسل السرايا ، ويحج الى بيت الله الحرام.
لم يفرقوا بين هذا وذاك ، فخلطوا بين الرشيد والزمن الذي عاش فيه ، مع الفارق في التشابه ، والتنافر في الطباع ، والتغاير في الواقع والحال.
نسبه:
هو هارون(الرشيد) بن محمد(المهدي) بن عبدالله(المنصور) بن محمد(السفاح) بن علي (السجاد)بن عبدالله (حبرالأمة)بن العباس بن عبد المطلب.
فهارون الرشيد ينحدر من سلالة العباس رضي الله عنه ، عم النبي صلى الله عليه وسلم وقد أخرج الترمذي قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه:"من آذى العباس فقد آذاني"
فإنما عم الرجل صنو أبيه ، وهو من ولد أولاد عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، الملقب بحبر الأمة ، وهو الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل".
والده:
هو محمد الملقب المهدي ابن عبدالله المنصور بويع بالخلافة بعد وفاة أبيه المنصور ، وذلك في أول عشر ذي الحجة من عام 158هجري ، فجلس بعد مدة يرد الأموال التي تركها المنصور ، وكتبها لأصحابها في دفاتر خاصة ، فجمع المهدي هذه الأموال وأرجعها الى أهلها.
والدته:
هي "الخيزران بنت عطاء الجرشية" نسبةْ الى جرش باليمن ، واشتراها المهدي من نخاس "بائع الجواري والعبيد" فأعجب بها ، ويذكر أنه لما عرضت الخيزران على المهدي ليشتريها أعجبته ، إلا دقة في ساقيها ، فقال لها: يا جارية إنك لعلى غاية المنى والجمال لولا دقة ساقيك وخموشهما "خدوش وآثار جروح" فقالت:"يا أمير المؤمنين إنك أحوج ما تكون إليهما ، لا تراهما" فأستحسن جوابها فاشتراها.
وقد حظيت عند المهدي ، بكل الإعجاب ، ونالت منه كل الحب والتقدير ، ولذلك أعتقها وتزوجها ، فولدت له خليفتين: موسى(الهادي) ، وهارون(الرشيد) ، ولم يتفق هذا لغيرها من النساء إلا الولادة بنت العباس العبسية ، زوجة عبد الملك بن مروان ، وأم الوليد وسليمان ، وكذلك لشاه فرند بنت فيروز يزدجرد.
الرجاء من الأعضاء الكرام نشرها إن أمكن
وذلك للمصلحة العامة لأمة الأسلام
لا تبخلوا على أخوكم بالرد على الموضوع